عمرو حارون
العنوان : 12 شارع النصر المريوطية فيصل تاريخ الميلاد : 03/08/1973 الدوله : عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 11/05/2010 العمر : 51
| موضوع: الغربـــــــــه الأربعاء 30 يونيو 2010, 6:19 pm | |
| هل ملــلتـــم ؟! أعتذر إن كان أسلوبي المنهجي المنطقي به شيئاً من الملل لبعضكم ، و لكني لا أدري لم أصبح عندنا زهد في القرآه ؟ ، اصبحنا نزهد و نمل من القرآة كثيراً ، مع أن القرآة فريضة !!! نعم فريضة ، و أول ما أمر الله به في ديننا الحنيف ، " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم " (1) القرأه متعة و علم و عبادة ( بشرط أن يكون ما نقرأة لا يتعارض مع شرع الله و إن تعارض فتكون نيتنا في قرآته هي العلم بحجة كاتبة و الرد علية لنصرة الحق ) ، لا اكتمكم سراً أنني منذ أن هجرت القرأة لبعض من الوقت ، و أنا أشعر بالغربه ، فقد كنت اشعر مع الكتاب أنني مع أًصدق صديق ، و أغلى حبيب ، الا نشعر في البعد عن الأصدقاء و الأحبة بالغربه ، و لا أخفي عليكم انه إحساس ليس عني بغريب فأنا أحس به منذ أن فقدت والدي ، رحمه الله و غفر له و أسكنه فسيح جناته ، اللهم آآآآمين ، كنت صبياً رصيدي من الحياة و تجاربها ، مع المجتمع و الناس صفر ، نظرت حولي فوجدت اشياء لم ألفها ، تتنافى مع ما تربيت و نشأت عليه و يتعامل معها المجتمع على انها من الاشياء العاديه ، ومن يخالفها فهو متخلف ، احسست انني شيخ كبير ، من زمن ولى و أنقضى ، لم استطع التأقلم مع الوضع ، حاولت و لم استطيع ، كنت عندما احاول ان اساير اقراني من الشباب احس بأنني شخصين ، أو كأنني مصاب بأزدواج الشخصيه، شخص داخلي يستنكر ما يفعله الشخص الخارجي ، قيد كان يشدني لأنعزل و أقف موقف المراقب المحلل ، و سؤال كان يقتلني ، هل الخلل في أم فيما حولي ؟!! ، شعور عجزت عن إيجاد مسمى له ، حتى سافرت و بعدت عن من احب و ما احب ، فعرفته !!
( 3 ) الغربــــــــــــه
الغربة إحساس سلبي خطير و هو صورة من صور الوجة الآخر للحب البغــض ، الغربة و الإحباط من اخطر و اقسى المشاعر السلبيه التي يؤدي الأستسلام لها للبغض الذي هو بداية طريق التأخر و التخلف ، و للغربة بدايات عديدة ، فقد يبدأ الإحساس بالغربة بالأستنكار ( و هو نقيض الإعجاب ) ، الإستنكار لسلوك أو طبع أو طريقة تفكير أو شكل ما أو مظهر من مظاهر الحياة .....إلخ ، ثم الاستسلام لهذا الاستنكار و ذلك برفض اي محاوله للفهم أو التفاهم العقلي لما نستنكره ، و إن الفهم أو التفاهم العقلي لما نستنكره لا يعني بالضرورة أن نتقبله و نعجب به ، بل المقصود و المعني به هو تحليله لمعرفته و إخضاعة لمعايير الخلق القويم و الصالح العام في إطار الدين و الفطرة السليمه ، فإن كان من منافاة هذه المعايير براء قبلناه و من ثم أزلنا إستنكارنا له من نفوسنا على الاقل و كان السبيل إلى الأعجاب به متاحاً ، و إن كان منافياً لمعايير الدين و الفطرة السليمه عملنا إلى إصلاحه عملا بالحديث الشريف : ((من رأى منكم منكرا. فاستطاع أن يغيره بيده، فليغيره بيده. فإن لم يستطع، فبلسانه. فإن لم يستطع، فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان)) (1). و ايضاً لا يعني محاولة الفهم أو التفاهم العقلي لما نستنكره ان يتم هذا الفهم او التفاهم مباشرة بل إن وجود وقت كافي بين الإستنكار و الفهم أو التفاهم العقلي مطلوب حتى يكون الحكم سليماً ، كما إن الإحساس بالغربة قد يبدأ بإنعدام أو فقدان الفهم أو التفاهم العقلي لسلوك أو طبع أو طريقة تفكير أو شكل ما أو مظهر من مظاهر الحياة .....إلخ ، ثم عدم المحاوله لاسترجاع أو إيجاد هذا التفاهم أو الفهم العقلي ، فيتولد هنا الإستنكار ، مما يؤدي في كلتا الحالتين إلى أنعدام أو فقدان الإتصال الروحي أو الجسدي بيننا وبين ما نستنكره او نفتقد التفاهم معه ، و إنه لمن العجيب ايضاً أن الإحساس بالغربة قد يبدأ بفقدان أو إنعدام الإتصال الروحي أو الجسدي أيضاً ، مما ينتج عنه فقدان أو إنعدام الفهم و التفاهم العقلي لظاهرة فقدان الإتصال الروحي أو الجسدي نفسها أو للوضع و الظروف المحيطة التي نتجت عن هذا الفقدان ، ثم عدم المحاوله لاسترجاع أو إيجاد هذا التفاهم أو الفهم العقلي ، فيتولد الإستنكار ، 1- حديث من سنن ابن ماجه و سنن البهيقي و مستدرك الحاكم و لنضرب مثلا لما قلناه سابقاً : 1- الاستنكار لظاهرة أو مفهوم الصداقة بين الشباب من جنسين مختلفين ( الشباب و الشابات ) : إن أغلب المستنكرين لهذه الظاهره أو هذا المفهوم هم ممن لديهم خلفيه سلفيه ( من تربيه او عقيده ) او ممن كان لهم تجارب شخصيه سابقه في هذا الشأن ، و يريدون ان يجنبوا انفسهم او ابنائهم او من يحبونهم عواقب الانسياق وراء هذه الظاهره أو المفهوم ، ويكون استنكارهم في شكل الردع او المنع بتعصب و بدون اي محاولة لفهم طبيعة هذه الظاهره او المفهوم ، او لطبيعة من يريدونه تجنبها أو عدم الإقتناع بها ، فتكون النتيجه عكس ما يريدونه تماماً ، تكون النتيجه الا يقتنع من يحاول المستنكرون لهذه الظاهرة او المفهوم ردعهم او منعهم عنها ، أو يحاولون جعلهم يرفضونها ، لانهم ببساطه ليس لديهم حجة او دليل مقنع ، و كيف يكون لديهم حجه او دليل على شئ يرفضون و لا يحاولون اصلاً فهمه أو فهم طبيعه من يمارسون هذه الظاهرة الإجتماعيه أو هم مقتنعون بمفهومها ، إن الوسيله الصحيحة لتغيير هذا المفهوم أو الظاهره أو على الأقل تنقيتها من شوائب تخالف الفطرة و الدين و الصالح العام ، هي تحليلها و فهمها ، كيف بدأت ؟! لم هي منتشرة أكثر بين الشباب ؟! ماهي عواقبها التي نخافها و التي هي جزء من اسباب رفضنا لها ؟! و التي يكتفي المعارضون او المستنكرون لهذه الظاهره بتحذير الذين يسعون لإقناعهم بخطأ و خطورة هذه الظاهرة منها ، اسمحوا لي بما انني من المعارضين لهذه الظاهره اوعلى الأقُل من المتحفظين عليها بإن احللها قدر الإستطاعه في محاوله لفهمها تمهيداً لإخضاعها للمعايير التي اتفقنا عليها سابقاً من دين و خلق و مصلحة عامه ، بداية هذه الظاهره أو المفهوم المنتشر كان عند خروج المرأة أو الفتيات من منازلهم (سجنهم الإجباري في البدايه و الإختياري بمرور الوقت و للتعود ) للتعلم بالمدارس ثم الجامعات ثم للعمل جنباً إلى جنب مع الرجل ، فهل في هذا الخروج للتعلم أو العمل منافاه للدين أو الخلق أو المصلحه العامه ؟!! كلا ، إن التعلم فريضه على كل مسلم و مسلمه و فضل العلم و طلبه عظيم ، " من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك اللّه به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ".(1) 1- سنن ابي داوود – كناب العلم – حديث 3641- باب الحث على طلب العلم
و قد كان التعلم – و يتم غالباً في السن الذي ينتشر فيه مفهوم الصداقه – يتم في البدايه بإنفصال تام تقريباً بين الجنسين حتى التعليم الجامعي فلم يتم الفصل فيه لانه لم يكن منتشراً أو متاحاً إلا للأقليه ( من الشباب فما بالك بالشابات ) نظراً لإرتفاع تكلفته ، إلى ان صار التعليم مجانياً متاحاً للجميع ، و هنا حدث الإختلاط ، و لم يكن الإختلاط فقط بين الجنسين ، بل كان الإختلاط الأكبر و الأكثر في المفاهيم ، مفاهيم الدين و الأشتراكيه و الحريه و المساواه في الحقوق و الواجبات ، و تم تطويع و استغلال الدين لخدمة كل ما سبق ، فالإسلام لا يمنع تعليم المرأة و لا يقيد الحريه و يساوي بين المسلم و المسلمه في الحقوق و الواجبات و يجعل المسلمين كلهم شركاء في ما رزقهم الله من موارد طبيعيه غير مملوكه أو مخصصه لشخص معين ، نعم هذا صحيح و لكن الإسلام لا يحث على الإختلاط بين الجنسين في هذا السن ، نظراً لقلة الخبرة و تأجج الشهوة و الرغبه الجنسيه و العاطفيه و سيطرة المشاعر و الاحاسيس الغير صحيحه و التي يكون مصدرها الهوى الذي نهى الله المسلمين بل و الناس جميعاً عن إتباعه ، " و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى " ( 1 ) " يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيُضِلَك عن السبيل "(2) كما يجب ان يكون من الواضح ان هناك فرق بين مفهوم الزماله و الأخوه في الدين و في طلب العلم و بين مفهوم الصداقه ، فالزماله و الأخوة مشاعر و أحاسيس و حاله لا تتطلب الإعجاب و الإتفاق في الأفكار و الطباع ( الفهم و التفاهم العقلي و السلوكي ) و لا تصل غالباً إلى مرحلة الإتصال الروحي أو الجسدي ، بل تتطلب الإتفاق في العقيده ( الدين ) و المبدأ ( طلب العلم ) و الغايه أو الهدف ( تحصيل العلم للإنتفاع به و نفع الناس به ) ، و هو مفهوم ليس محرماً أو مكروهاً في الإسلام بين الجنسين ، كما أن الإسلام فعلاً جعل الرجل و المرأة متساوين في الحقوق و الواجبات ، لكن ليس بمعنى ان لهم نفس الحقوق و عليهم نفس الواجبات ، بل جعل لكل منهم حقوق وعليه واجبات تناسب طبيعته و ما فطر الله جنسه عليه من طبيعه نفسيه و جسمانيه بحيث يكون محصله ما للرجل والمرأة و ما عليهما متساوي ، فمثلاً لم يأمر الله المرأة بالعمل لكسب و جلب الرزق ، و لكن أمرها بالعمل في بيتها مع ابنائها و زوجها ليس كخادمه كما يحلو القول للمنادين بتحرر المرأة ، فالخادمه لا تخدم نفسها و أهلها بل تخدم من هم غير ذلك لكسب الرزق اي مقابل المال ، و الزوجة لا تفعل ذلك مقابل ما يدفعه لها زوجها فما ينفقه الزوج عليها و في البيت هو فرض عليه وواجب فرضه الله عليه إن لم يفعله فقد قَصَر في واجباته ، و كذلك الإسلام لا يقيد الحريات و لا الحرية الشخصيه ، و لكنه يحدد حرية الفرد فهي تنتهي عند بداية حرية الأخرون ، فالمسلم حر طالما لا يجور على حرية أخيه و لا يخدش حيائه و لا يتعدى على الحرمات ، و الحرمات هي كل ما حرم الله رفقاً و رحمة بعباده و لمصلحتهم ، 1- الآية رقم 40 ، 41 سورة (النازعات) 2- الآيه رقم 26 سورة (ص) اي لا يجوز ان يقول المؤمن أو المؤمنه قول قد يكون به فحش يخدش به حياء اخيه ، أو يلبس ما يبين به عورته و ما يثير الغرائز و يحرك به شهوته أو شهوتها ، و أظن اننا بهذا التحليل قد وضعنا ايدينا على اساس الظاهره أو المفهوم و جذورها و بالتالي الطريقة التي نستطيع بها أن ننقيها من شوائبها لأننا فهمناها ، إن التعليم و العمل للمرأه غير مكروه و لكن كثيراً ما يكون مستحب خاصة إذا كان يناسب طبيعة المرأه و فطرتها التي فطرها الله عليها ، و لكن إختلاط الجنسين في سن تقل فيه الخبره و المعرفه و يكون للهوى فيه الغلبه على العقل و العاطفه و المشاعر الصادقة هو أمر مكروه في الدين ، و إن لم نستطيع منع الإختلاط على المستوى العام فليكن الإصلاح على المستوى الخاص ، " يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا أهتديتم .... " ( 1 ) اي بما إننا لا نستطيع ان نغيير من قوانين و أعراف المجتمع الذي نعيش فيه ، فليكن التغيير في انفسنا و اهلنا بغرس قيم الدين و مفاهيمه الصحيحه بدون تعصب أوعصبيه ، فنبدأ بغرس مفهوم الأخوه و الزماله في الدراسه و حرمانية أو كراهية مفهوم الصداقة خارج نطاق الدراسة و التذكير دائماً بما قاله رسول الله ( عليه الصلاة و السلام ) في خطبة الوداع وهو يعظ المسلمين و المؤمنين في كل زمان و مكان : " دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وكحرمة بلدكم هذا "(2) "كل المسلم حرام. دمه وماله وعرضه" ( 3 ) ثم نسعى لتعريفهم بقيمة المرأه في ديننا الحنيف ، و ان ديننا و من يؤمن به حقاً يجب ان يعامل المرأه على انها جوهرة ثمينه يجب ان تحافظ هي اولا على نفسها و لا تظهر جمالها و مفاتنها إلا لمن يستحقها و يصونها بحبه و خلقه و دينه القويم لا بماله و حسبه و نسبه ، كما قال الإمام علي عندما سئل لمن تزوج ابنتك فقال : " لصاحب الدين القويم ولمن يتقي الله فإنه إن احبها أكرمها و إن كرهها لم يهنها " و ان المرأه في المجتمع الإسلامي ليست سلعة كما يذيع البعض ، بل هي كذلك في كل المجتمعات التي تشيع هذا و تحارب الإسلام و قيمه كالحجاب و العفه ، فالسلعة هي التي تتجمل و تتزين لتجمل نفسها في عيون المشتريين حتى يشتهونها و يقبلون عليها ، و إنما المرأة في الإسلام هي اساس المجتمع مثلها مثل القيم و المبادئ العليا يجب الحفاظ عليها و الدفاع عنها و إحترامها و توقيرها ، فيجب هي الا تهين نفسها و تنزل من قدرها فتصبح سلعة أو مجرد صورة أو لوحة جميله ،
1- الآيه رقم 105 من سورة المائدة 2- مسند الإمام أحمد بن حنبل 3- سنن ابن ماجه و ان الجمال و الأنوثة نعمه من الله خص بها النساء من دون الرجال ، و ان النعمة يجب ان تصان و ان يؤدى حقها لله واهبها ، و حقها حفظها من الطامعين و الذين في قلوبهم مرض الهوى و الشهوة المحرمه ، هل إذا رزقني الله مالاً كثيراُ امشي وسط الناس و انا احمله و أريهم أياه متابهياً به ؟!! و أسرف في إنفاقه في ما حرم الله ؟!! أم أحفظه بعيداً عن أعين الناس فمنهم حاقد و منهم طامع و منهم من يريد سرقته ( أخذه بغير حق )!! و لا اعطيه أو إنفقه إلا في ما حلله الله و لمن يستحقه بحق الله ، كما يجب ايضاً تعليم اولادنا و بناتنا معنى الحب و ان ليس كل ما نظنه حباً هو حب حقيقي فهناك إعجاب و مشاعر كاذبه يتحكم بها هوى النفس نظراً لسيطرة الغريزة و الشهوة على الإنسان في فترات معينه من عمره و هناك ما يدعى باطلا حباً و هو ليس إلا زنا ، فالزنا ليس فقط المعاشرة الجنسيه بل هو درجات ، ادناها ما ذكر بالحديث الشريف : "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس، فهي كذا وكذا، يعني زانية". (1) ثم تعظيم كبيرة الزنا او حتى الهم بها في نفوس ابنائنا و بناتنا ، و كل مايؤدي لها او يساعد عليها ، و نعلمهم ان الله سبحانه و تعالى قد نهى عن مجرد الإقتراب منها ، " و لاتقربوا الزنى إنه كان فاحشة و سآء سبيلاً " (2 ) و هذا هو التغيير باليد على المستوى الشخصي الخاص ، بالإقناع و غرس المبادئ و القيم الصحيحه للدين الحنيف و ليس بالقهر و المنع بتعسف ، و إذا أصلح كل منا نفسه و أهله فإن ما حوله سينصلح تدريجياً ، و هذا لا يعفي من محاولة التغيير على المستوى العام ، و لكن ليس باليد لأننا أشخاص عاديون و من بيده التغيير باليد هم من في موقع المسئوليه و إتخاذ القرار من أولي الأمر ، لذلك يجب ان يكون التغيير باللسان ( النصح و الكلام بإقناع و حجة سليمه ) على المستوى العام ( لكل من نعرف من اصدقائنا و زملائنا و اقاربنا و جيراننا ) ، لقد استنفذت هذه الظاهرة أو هذا المفهوم جزء من عمري وانا أحاول أن أحدد صحتها من عدمه نظراً لإنتشارها و عمومها و العمل بها على انها من المُسَلّمَات بينما تربيتي و عقلي و فطرتي ترفضها و تعارضها ، لأنني عندما حاولت ازالة استنكارها في نفسي بالإنخراط فيها و إجبار نفسي و عقلي على قبولها بدون إقتناع وجدتني منافق ، أقول انني مسلم و لا أحافظ على أعراض إخوتي بل احاول انتهاكها تحت ستار الصداقة و الزماله و دافعي الحقيقي هو الشهوة و الغريزه ( و أتحدى من يقول أن له دافع أخر ) ، وجدتني إمعه أتبع ما يفعله غيري و إن كانوا كثره بدون إقتناع ، و بالتالي كان لا بد ان أفهم و ادرس و احلل هذه الظاهره حتى أخضعها لمعايير الدين القويم التي لا تتغير 1- سنن الترمذي 2- الآيه 32 سورة الإسراء بتغير الزمان أو المكان لأنها من رب الزمان و المكان الحكيم الخبير ، إن الاستسلام لإنعدام الفهم و التفاهم العقلي لهذه الظاهرة أو هذا المفهوم بدون استنكار كان من أثره و عواقبه اشياء و ظواهر خطيره كالسوس تنخر في عظام امتنا و تحللها و تفككها ، مثل إنتشار الزنا بأشكاله و ألوانه المختلفه ( زنا العين ، زنا الأنف ، زنا اليد .....إلخ ) و أخطرها زنا القلب ، ايضاً اتنشار العنوسه بين الجنسين نظراً لعدم توافر الثقه فعندما يقبل الشاب على الزواج أو الإرتباط ممن كانت صديقته يسأل نفسه ما الضامن أن ما فعلته معي لم يحدث مع غيري ، ولن يحدث مع غيري ؟!! ، و كذلك إذا لم تكن صديقته و علم بعد ذلك أنها كان لها صديق و ربما لايزال ، نفس الشكوك ، و أدى هذا ايضاً إلى انتشار ما يعرف بالزواج العرفي و زواج المسيار ، زواج بدون إلتزامات الغرض منه قضاء الوتر ( إشباع الشهوه ) ، زنا مقنع !!! كم ان الاستسلام لإنعدام الفهم و التفاهم العقلي لهذه الظاهرة أو هذا المفهوم مع استنكارها سيؤدي كما قلنا سابقاً إلى أنعدام التواصل الجسدي و الروحي مع المجتمع ( و ليس المقصود بالتواصل هنا هو مسايرة المجتمع في المفاهيم و الظواهر الغير صحيحه بل محاولة تصحيحها كما قلنا سابقاً بالإقناع على المستوى الخاص و باللسان على المستوى العام ) ، كما إن الفهم و التفاهم الخاطئ لمفاهيم و معايير الإصلاح بديننا الحنيف قد يؤدي و غالباً ما يؤدي إلى التعصب و التطرف في محاوله لفرض ما هو صحيح بطريقه مكروهه بل محرمة و هي العنف و القهر للمسلمين و إن كانوا عصاه أو خطائين ، " أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنه و جادلهم بالتي هي أحسن .. " (1) "كل المسلم حرام. دمـــــــــه ومــــــاله وعرضــــــــه" ( 2 ) عذراً إن اطلت في هذا المقال ، فكما ترون فإن له عواقب خطيره ، و اسأل الله ان يجعل تفكيري و تحليلي و ما قدمت من حل فيه نفع للناس ، فما قلته إلا إبتغاء مرضات الله اللهم فأرضى عنا ، اللهم أرضى عنا ، اللهم أرضى عنا ، بسم الله الرحمن الرحيم } لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت و عليها ما أكتسبت ربنا لا تؤاخذنآ إن نسينا أو أخطأنا ربنا و لا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به و أعفو عنا و أغفر لنا و أرحمنا أنت مولانا فأنصرنا على القوم الكافرين { صدق الله العظيم
1- الآيه 125 من سورة النحل 2- سنن ابن ماجه
2- عدم الفهم و التفاهم العقلي مع مظاهر و منتجات التكنولوجيا الحديثه : إن مظاهر و منتجات التكنولوجيا الحديثة في تطور سريع مستمر لدرجة ان كثير من الاشخاص الغير معتادين على استخدامها ، يجدون صعوبه شديده في فهمها و التواصل معها ، و إن الغالبية العظمى من هؤلاء هم من يتبعون ثقافة الكسل و لا يريدون ان يكلفوا انفسهم عناء و تعب في التعلم ، فماذا سيفيدهم الكومبيوتر مثلاً أو الأنترنت أو التليفون المحمول أو اجهزة استقبال الأقمار الصناعية ؟؟؟ ، و منهم ايضاً المصابين بفوبيا اضرار التكنولوجيا ، فكم خرب الأنترنت من بيوت ؟؟ ، و كم أفسد هو و الدش و الكومبيوتر من أخلاق أبناء و بنات ؟؟ ، كم الهت عن الصلاة و العباده ؟؟ ، و كأنما الأنترنت و الكومبيوتر و الدش أشخاص حيه أو شياطين أبالسه تغوي و تحض على الفساد و تدفع إليه دفعاً !!! و كم اصيب من ابنائنا و بناتنا بأمراض بسبب الإفراط في أستعمال أجهزة المحمول و الكومبيوتر والدش نظراً لما تصدره من موجات ( كهرومغانطيسيه ) ضاره ؟!!! و كأنما هذه الأجهزه فيروس أو باكتيريا ضاره تصيبهم بالمرض نظراً لطبيعتها !!! نسوا ان العبرة بمستخدمي هذه الأجهزه فمن كان عنده استعداد للانحراف الخلقي ، فسوف يجده إن لم يكن في الانترنت أو الموبيل او الدش ، فبأي وسيلة أخرى ، لأن هذه الأجهزه ليست إلا وسيله إما أن تحسن أستخدامها أو تسيئه ، فمن عنده أو عندها استعداد للمصادقة أو المواعدة فسوف يجد ما يريده سواء استخدم الكومبيوتر ام لا ؟ فما أكثر الفاسدي الخلق و ليس عليه او عليها إلا الإشارة فقط بالقول أو الفعل أو الرمز لهؤلاء ، و الطيور على أشكالها تقع ، و من كان يريد صورة فاضحة او فيلم إباحي ليس في حاجة إلى الأنترنت أو الموبايل أو الدش ، فقد كان يفعل ذلك سابقاُ باشرطة الفيديو ( حيث كانت البلد تعج بنوادي الفيديو و لن تجد نادي لا توجد لديه مثل هذه الأشرطة التي يؤجرها في السر خوفاً من بوليس الأداب ) و المجلات الموجوده( سرا ايضاً ) لدى كل بائعي مجلات الموضه في وسط البلد و أماكن أخرى كثيرة ، و من أراد الإلتزام في مواعيد عباداته فلن يلهيه شئ عنها لا كومبيوتر و لا دش و لا اي شئ أخر ، ومن كان مستخفاً بها فيكفيه ان يقول : " بعد قليل ، بعد قليل ، انا تعبان ، همدان الجو حر ، كسلان الجو برد " مجرد حجج ليؤجل ميعاد الصلاه ، حجج كالتي يتحجج بها من يستسلمون لعدم مقدرتهم على الفهم و التفاهم مع مظاهر التكنولوجيا الحديثه ، حتى لا يحاولوا فهمها او التفاهم معها ، و نظراً للإنتشار السريع لهذه الأجهزة التكنولوجيه الحديثة لما توفره من وقت و لدقة و كثرة ما تعطيه من معلومات و خلافه ، فإنهم يجدوا أنفسهم مضطرين للتعامل معها حتى يستطيعوا قضاء حوائجهم ، فماذا يفعلون ؟!!! يحاولون اللجؤ لمن يستطيع التعامل مع مثل هذه الأجهزه أو هذه التكنولوجيا ليعينهم على قضاء الحاجة التي يريدونها و قد يلجأ أكثرهم نشاطاً إلى تعلم فقط ما يحتاج لمعرفته لقضاء حاجته هذه ، و في كلتا الحالتين فإنهم يضعون أنفسهم في حالة العزله التي هي إفتقاد أو إنقطاع الإتصال الجسدي و الروحي و التي في النهايه كما سبق و قلنا تُفضي إلى نوع آخر من المشاعر و الإحاسيس السلبيه ألا و هو البغض ، الكراهيه لكل من يستعمل هذه الأجهزه و يمدحها و و يذكر مميزاتها أو حتى يتكلم عنها ،
و قبل ان انتقل إلى علاج هذا النوع من الغربه ، احب ان اذكر انه ليست ثقافة الكسل هي السبب الوحيد في هذا النوع من الغربه ، بل هناك سبب أخر ألا وهو الإحباط وهو نوع من المشاعر يفدي في نهايته أيضاً إلى البغض الذي هو بداية التأخر و الفشل ، إن الإحباط و الغربه يتشابهان في ان بدايتهما قد تكون الإستنكار أو إنعدام أو فقدان الفهم و التفاهم العقلي أو إنقطاع و إنعدام التواصل الروحي أو الجسدي ، و لكن يختلفان في أن الوصول للإحساس الغربه يأتي بالإستسلام المباشر بدون محاوله لإستعادة الفهم و التفاهم الفكري أو الإستصال الروحي و الجسدي ، أو لإزالة الأستنكار بإيجاد التفاهم أو الإتصال المنعدم ، بينما الوصول للإحساس بالإحباط يأتي بعد محاوله أو عدة محاولات فاشله لإستعادة الفهم و التفاهم الفكري أو الإستصال الروحي و الجسدي ، أو لإزالة الأستنكار بإيجاد التفاهم أو الإتصال المنعدم ، ثم الإستسلام لهذا الفشل ، ثم يتطور الإحباط نظراً للإستسلام للفشل للإحساس بالغربه ثم في النهايه للبغض ، اي ان الغربه قد تكون نتاجاَ للإحباط ، لكن الإحباط لا يكون نتاجاً للغربه ،
نعود إلى علاج النوع الذي نتحدث عنه من الغربه ، أقول لهم إن التفهم و التفاهم العقلي المقصود به هنا هو التعلم ، و إن السعي لطلب العلم و التعلم فريضه على كل مسلم ، كل قدر إستطاعاته ، لا فرق فيه بين كبير و صغير ، و ليس المقصود في ديننا الحنيف بفريضة طلب العلم ، العلم الشرعي فقط اي تعلم العلوم الشرعيه من فقه و حديث و تفسير و قراءات و غيرها ، بل المقصود به ايضاً العلوم الدنيوية اي التي تعيننا في حياتنا على طلب الرزق و قضاء حوائجنا فيها ، و تساعد كذلك في إفادة المسلمين و الناس في حياتهم و جعلها أفضل و أيسر ، مثل الطب و الهندسه و الكيمياء و الرياضة .....إلخ ، و لو كان المقصود بطلب العلم العلوم الشرعيه فقط ، ما ظهر في امتنا الإسلاميه ابن سينا او جابر بن حيان أو الخوارزمي و غيرهم كثير ممن أفادوا الناس في زمانهم و بعد ذلك بقرون كثيرة ، و إن علوم التكنولوجيا هي أيضا مثل هذه العلوم السابق ذكرها ، يجب تعلمها لنقضي بها حوائجنا و لنفيد الناس و المسلمين ، ونحن منهم ايضاً ، لا اقول تخصصوا و تعمقوا و لكن تعلموا ، و أعلموا ان هذه الأجهزة و كل مظاهر التكنولوجيا و علومها مثلها مثل اي أجهزة أو علوم أو أي شئ أخر حلالاها حلال و حرامها حرام ، وإنما هي وسيلة لا غايه ، و لتجعلوا نيتكم في تعلمها لله تعالى ، و غايتكم و هدفكم هو مصلحة ابنائكم و بناتكم و ابناء و بنات المسلمين أجمعين و إخوانكم في الله ، مرضاة لله تعالى و تقرباً من حبه و رحمته ، إن هذه الاجهزة و هذة التكنولوجيا هي لغة العصر اليس كذلك ؟!! فماذا يفعل أحدكم لو انتقل للعيش في بلد يتكلم أهله لغة مختلفة عن لغته ؟!! هل سوف يحاول ان يتعلمها ولو حتى للحديث و التفاهم مع اهلها فقط ؟!! أم سيمكث في مكانه لا يكلم أحداً و لا يفعل شيئاً ؟!! أيبحث عن مترجم يصحبه معه أينما ذهب و كلما أراد ان يكلم أحد أو يقضي حاجة له ؟!!! أم سيترك هذا البلد و يعود إلى بلده ؟!!! و إن كان لغة بلده قد تغيرت هي و أغلب البلدان إلى هذه اللغه ، أسوف يترك الدنيا كلها ؟!! اسمعوا و اعقلوا ،،،، اللهم قد بلغت اللهم فأشهد
3- إنعدام أو فقدان الإتصال الروحي أو الجسدي بشخص عزيز :
حالة او مثال مر به أغلب من يقرأ هذه السطور ، فراق ( انعدام أو فقدان الإتصال الجسدي أو الروحي بـ ) شخص أو أشخاص أعزاء لدينا ، لهم مكانه في قلوبنا ، نبادلهم مشاعر الحب و الود و الإمتنان ، زوج أو زوجه ، أبن أو أبنه ، أب أو أم ، أخ أو صديق ، زميل أو مُعَلِم ...... إلخ ، إن الفراق ( او انعدام أو فقدان الإتصال الجسدي أو الروحي ) قد يكون بسبب مادي ملموس مثل إختلاف وجهات النظر في أمور مصيريه أو أمور ثانويه ( فقدان الإتفاق أو التفاهم الفكري أو العقلي ) ، و هنا يكون الفراق مؤقت ، يزول عند السعي لإزالة السبب ( إعادة الإتصال أو الإتفاق الفكري أو العقلي و السلوكي ) و يدوم عند الإستسلام له ، و قد يكون بسبب ظروف ماديه ( إجتماعيه أو إقتصاديه ) مثل السفر للعمل أو لقضاء حاجة معينه و هو هنا فقدان للإتصال الجسدي فقط قد يكون أيضاً مؤقت يزول إذا سعينا لإزالة السبب و يدوم عند الإستسلام له ، و يبقى الإتصال الروحي في الغالب قائماً ليزول ايضاً عند زوال السبب ، إن الإحساس في هذان الحالتان لا يصل لدرجة الغربه طالما لا زال هناك وجود للمشاعر و الأحاسيس المتبادله ، فالمشاعر و الأحاسيس كما قلت سابقاً كالماء الجاري لا تزول بسهوله إلا إذا توقف جريانها فعندئذٍ إما أن تفسد و تتحول من سائل للحياه لسم ، أو تتبخر مع حرارة صحراء الحياة القاحله ، الإحساس هنا هو الإحساس بالفراق فقط ، لا يتحول إلى الغربه إلا عندما نستسلم للسبب المؤدي للفراق (انعدام أو فقدان الإتصال الجسدي أو الروحي ) و لا نسعى لإزالته أو يسعى الطرف الأخر أو طرف ثالث لذلك ، فإذا استسلمنا للسبب المؤدي للفراق ( سواء كان السبب فقدان الإتصال الجسدي أو الروحي ، أو فقدان الإتفاق أو التفاهم الفكري و العقلي ) جمدت و توقفت مشاعر و أحاسيس الحب و الود و الألفه بيننا و بين الشخص الذي فارقناه وتحولت للإحساس للغربه و الاستنكار و قد تصل للكراهيه وغالباً ما يحدث ذلك عندما يكون السبب هو الإستسلام لفقدان أو إنعدام الإتفاق أو التفاهم الفكري و العقلي ( كالمثال الأول ) ، اليس كذلك ؟؟؟ و لكن ماذا عندما يكون السبب في الفراق (انعدام أو فقدان الإتصال الجسدي أو الروحي ) هو الموت ؟!! سبب لا يمكن إزالته أو حتى السعي لإزالته ! إن الإحساس بالغربه الذي ينتج عن الفراق لشخص عزيز بسبب إنقضاء أجله ، لا يكون سببه انعدام أو فقدان الإتصال الجسدي أو الروحي ، و لكن يكون بسبب العجز عن ( عدم القدرة على ) تقبل ( التفهم العقلي و الفكري لـ ) الظروف التي أدت لهذا الفراق ، و الإستسلام لهذا العجز ، كما يكون بسبب العجز عن ( عدم القدرة على ) تقبل ( التفهم العقلي و الفكري لـ ) الظروف و كل ما ينتج عن هذا الفراق ، و الاستسلام ايضاً لهذا العجز ، إن الفهم والتفهم لطبيعة الموت كما عرفنا بها المولى عز و جل في ديننا الحنيف ، يجعلنا نتقبل هذا الحدث ، الذي هو الحقيقة الوحيده المؤكده في حياتنا الدنيا بعد وجود الله و رسله ، و كذلك نتقبل الأحداث و الظروف التي تنتج أو تتبع هذا الحدث أو هذه الحقيقه ، " كل نفسٍ ذآئقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامه ...." (1) " كل نفس ذائقة الموت و نبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون " (2) " اينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيدة ....." (3) " الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت و يرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمى إن في ذلك لآيـاـتٍ لقومٍ يتفكرون " (4)
1- الآيه رقم 185 من سورة ال عمران 2- الآيه رقم 47 سورة العنكبوت 3- الآيه رقم 78 من سورة النساء 4- الآيه رقم 42 من سورة الزمر الموت لا يعني الفناء ، و ليس النهايه ، فإن كان النوم فناء و نهايه ، فالموت فناء و نهايه ، بل هو مجرد مرحله انتقاليه من حياة اختبار و بلاء ، إلى بداية الحساب ، فثواب أو عقاب ، إن الذي ينقضي أجله هو كالنائم بجسده فقط ، له موعد يستقيظ به ، موعد لا يحدده هو بل يحدده ربه ، رب العالمين ، يستيقظ فيه هو و كل البشر و الدواب و الجماد ليلبوا النداء ، هذا يوم الحساب ، يوم فرحة المؤمنون ، و حسرة من هم دون ذلك ، روح الميت حيه عند رب العرش العظيم مثل روح النائم ، ترى و تعلم كل شئ بإذن ربها ، و تحس و تشعر أيضاً فالإحساس و الشعور محله القلب و ليس عضلة القلب و هو من الروح ، كما قلت سابقاً ، إن الحزن على الفراق لا يعني عدم تقبل حقيقة الموت و إرجاعها و الرجوع إلى الله قاضيها علينا و محدد موعدها ، لا معقب لقضائه و حكمه ، فخير الأنام رسول الله ( عليه الصلاة و السلام ) حزن و بكى عند فراق فلذة كبده إبراهيم ، و أخيه يعقوب ( عليه و على نبينا السلام ) حزن عند فراق حبيبه و إبنه يوسف ( عليه السلام ) عندما أخبره أبنائه بموته ، الحزن ألم و جرح معنوي في القلب لا بد منه ، ومن لا يحزن على الفراق فلا قلب له لكي يجرح او ان قلبه متحجر ، و مشاعره و أحاسيسه ميته ، و دوائه الصبر و الذكر و الرجوع لله و الاسترجاع ، " فصبر جميل و الله المستعان ... " (1) " و لنبلونكم بشئٍ من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون " (2) و التذكر لأعمالهم الصالحه و الدعاء بالرحمه ، هو من علامات و إمارات حبنا لهم ، إننا لنجد من يبعدون كل البعد عن اي شئ يذكرهم بمن فقدوا ، حتى لا يفتح عليهم جرح الفراق مرة أخرى و يقولون أن النسيان نعمه ، إننا إن نسنينا من ماتوا و توقفنا عن الدعاء لهم فقد حكمنا عليهم فعلاً بالفناء ، إن كنا لا نزال نحبهم حقاً ، فيجب ان نتذكرهم دائماً ، فهل تحب من قد نسيت ؟! ، هل الحب قول فقط ؟!، ام فعل يطابق القول ؟! إن المحب ليبحث عن اي شئ يذكره بمحبوبه إذا غاب عنه ، ليتصل بروحه و إن غاب جسده ، فيحس و يشعر به ،
1- الآيه رقم 18 سورة يوسف 2- الآيه 154 و 155 سورة البقره ماذا فعل رسول الله ( عليه الصلاة و السلام ) أعظم و أوفى محب في التاريخ ؟! عندما سمع صوت إحدى قريبات زوجته و محبوبته و أم المؤنين السيده خديجه ( رضي الله عنها ) ، هلً و بشً و كأنها هي التي تتكلم و تنادي ، كيف قابل قريبتها ؟! فرد لها ثوبه لتجلس عليه و وصل رحم السيده خديجة و كأنها لا تزال معه ، لم يبكي و لم ينتحب ، لم يتوارى منها و رفض مقابلتها حتى لا يتذكر فقدان محبوبته فينفتح جرح الفراق ، ماذا فعل أخيه يعقوب عنما ألقي عليه قميص ابنه و حبيبه يوسف الذي فقده و ظن انه مات ؟! فرح و ارتد إليه بصره الذي فقده ، قبل حتى ان يعرف انه حي لم يمت ، لم يزد في بكائه و حزنه ، هكذا يجب ان نفعل مع من قضى الله علينا و عليهم بالفراق بسبب إنقضاء أجلهم في الدنيا ، إن كنا حقاً نحبهم ، و لنقرأ جميعاً الفاتحه لروح كل عزيز علينا ، و ندعو الرحمن الرحيم ، اللطيف الخبير ، المحيي المميت ، أن يحسن خاتمتنا و يرحمنا و يرحمهم ، " يوم لا ينفع مالٌ و لا بنون * إلا من أتى الله بقلبٍ سليم " (1)
بسم الله الرحمن الرحيم " الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد و إياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * و لا الضآلين " آآآآآآآآميــــــــــــــن
و السلام عليكم ور حمة الله و بركاته .
1- الآيه رقم 88 سورة الشعراء
| |
|
ام اميرة لا اله الا الله محمد رسول الله
العنوان : مصر الدوله : عدد المساهمات : 1452 تاريخ التسجيل : 31/03/2010 المزاج : الحمد لله رب العالمين
| موضوع: رد: الغربـــــــــه الأربعاء 30 يونيو 2010, 7:36 pm | |
| بارك الله فيك اخى الكربم على مجهودك الطيب وجعله بميزان جسناتك ان شاء الله | |
|
اشرف العطار سبحان الله
العنوان : الجيزة - جمهورية مصر العربيه الدوله : عدد المساهمات : 3926 تاريخ التسجيل : 05/01/2010 المزاج : الحمــــ لله ـــــد
| موضوع: رد: الغربـــــــــه الخميس 08 يوليو 2010, 12:06 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة اولا لن نمل من القراءة ولا من مواضيعك ثانيا موضوعك ممتاز اخي ابو حبيبة بارك الله فيك تقبل مروري المتواضع
| |
|
عمرو حارون
العنوان : 12 شارع النصر المريوطية فيصل تاريخ الميلاد : 03/08/1973 الدوله : عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 11/05/2010 العمر : 51
| موضوع: شكر و استفسار الخميس 08 يوليو 2010, 9:52 pm | |
| ارجو ان تكون بالفعل قرات هذا الموضوع ، ز ان لايكون مدحك لما اكتبه مجرد مجامله من شخص مجامل و جميل مثلك يا اخي و صديقي و زميلي العزيز | |
|
سارة *****
العنوان : الجيزة تاريخ الميلاد : 13/06/1986 الدوله : عدد المساهمات : 540 تاريخ التسجيل : 20/01/2010 العمر : 38 المزاج : الحمدالله
| موضوع: رد: الغربـــــــــه الجمعة 09 يوليو 2010, 3:45 am | |
| بارك الله فيك اخى العزيز موضوع ممياز جدا وجعله الله لك فى ميزان حسناتك ان شاء الله | |
|
اشرف العطار سبحان الله
العنوان : الجيزة - جمهورية مصر العربيه الدوله : عدد المساهمات : 3926 تاريخ التسجيل : 05/01/2010 المزاج : الحمــــ لله ـــــد
| موضوع: رد: الغربـــــــــه الجمعة 09 يوليو 2010, 3:22 pm | |
| اخي و صديقي عمرو لقد قرات الموضوع و اعجبت بة والمجاملة ليست محلها هنا بارك الله فيك منتظرين منك المزيد
| |
|